اخر خبرتفضيلات القراء

الشيخ جمال فراج يكتب أفضل أعمال العشر الأول من ذي الحجة في خطبة الجمعة

الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ . أما بعدُ:

أولًا: خصوصيةُ أُمةِ مٌحمدٍ بنفحاتٍ وبركاتٍ.

مِن فضلِ اللهِ تعالي على أُمةِ مُحمدٍ  أنْ جعلَ لهم مواسمَ للطاعاتِ تتضاعفُ فيها الحسناتُ، وتُرفَعُ فيها الدرجاتُ، ويُغفَرُ فيها كثيرٌ مِن المعاصِي والسيئاتِ، فالسعيدُ مَن اغتنمَ هذه الأوقاتِ وتعرضَ لهذه النفحاتِ، ومِن هذه النفحاتِ العشرُ الأوائلُ مِن ذِي الحجةِ، فقد أخرجَ البخاريُّ عن ابنِ عباسٍ، قال رسولُ اللهِ : ” ما مِن أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيها أحبُّ إلى اللَّهِ من هذِهِ الأيَّام يعني أيَّامَ العشرِ ، قالوا : يا رسولَ اللَّهِ ، ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ ؟ قالَ : ولا الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ ، إلَّا رَجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ ، فلم يرجِعْ من ذلِكَ بشيءٍ” .

لهذا حثَّنَا  على اغتنامِ هذه النفحاتِ حيثُ قالَ:” افْعَلوا الخَيْرَ دَهْرَكُمْ، وتَعَرَّضُوا لِنَفَحاتِ رَحْمَةِ اللهِ، فإنَّ للهِ نَفَحاتٍ من رحمتِهِ، يُصِيبُ بِها مَنْ يَشَاءُ من عبادِهِ، وسَلوا اللهَ أنْ يَسْتُرَ عَوْرَاتِكُمْ، وأنْ يُؤَمِّنَ رَوْعَاتِكُمْ “( أخرجه ابن أبي الدنيا والطبراني بسند صحيح).

ومِن هذهِ النفحاتِ – أيضًا-  صيامُ يومِ عرفةَ ويومِ عاشوراء: فصيامُ يومِ عرفةَ يكفرُ ذنوبَ سنتينِ، وصيامُ يومِ عاشوراءَ يكفرُ ذنوبَ سنةٍ، وفي ذلك يقولُ :” صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ؛ وَصِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ.”( مسلم).

 يقولُ ابنُ حجرٍ: “وظاهرُهُ أنَّ صيامَ يومِ عرفةَ أفضلُ مِن صيامِ يومِ عاشوراء، وقد قِيلَ في الحكمةِ في ذلك إنَّ يومَ عاشوراءَ منسوبٌ إلى موسَى عليهِ السلامُ، ويومَ عرفةَ منسوبٌ إلى نبيِّ هذه الأمةِ، فلذلكَ كانَ أفضل.”( فتح الباري )؛ وكأنَّهُ خصوصيةٌ ونفحةٌ لأُمةِ مُحمدٍ .

ومنها : صلاةٌ في المسجدِ الحرامِ: فإنَّها تعدلُ مائةَ ألفِ صلاةٍ فيما سِواه، كما جاءَ في السنةِ الصحيحةِ.

كلُّ هذه النفحاتِ جعلتْ أُمةَ مُحمدٍ  – مع قِصرِ أعمارِهَا – تسبقُ جميعَ الأممِ السابقةِ يومَ القيامةِ، مع أنَّهم قبلنَا في الدنيا، كما بشرَنَا نبيُّنَا  بذلك، فقد أخرج َالبخاريُّ عن أبي هريرةَ أنَّهُ سمعَ رسولَ اللهِ  يقولُ: ” نحن الآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَومَ القِيامَةِ ، بَيْدَ أنَّهُمْ أُوتُوا الكِتابَ مِن قَبلِنَا “، فمع أنَّ اليهودَ والنصارَى قبلنَا في الدنيا إلَّا أنَّ أُمةَ مُحمدٍ  قبلهُم وسابقةٌ لهُم في البعثِ والحسابِ ودخولِ الجنةِ، كما صرحتْ بذلك روايةُ الإمامِ مسلمٍ حيثُ قال :” نَحْنُ الْآخِرُونَ الْأَوَّلُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ وَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ ؛ بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ ” .

إنَّ مِن أعظمِ نفحاتِ أُمةِ مُحمدٍ  على الإطلاقِ ( عشرَ ذي الحجة ) فها نحن اليومَ نستقبلُ هذه الأيامَ مواسمَ الخيراتِ والطاعاتِ، وهذه هباتٌ ربانيةٌ لا تكونُ إلَّا للأمةِ المحمديةِ، أمةِ العملِ القليلِ والأجرِ الكبيرِ والفضلِ العظيمِ، لتحمد اللهَ أنْ جعلكَ مِن أمةِ الحبيبِ محمدٍ :

وممــا زادَنِي فخــرًا وتيهـــًا ……………… وكــدتُ بأخمــصِي أطـأُ الثـريـا

دخولِي تحتَ قولِكَ يا عبادِي …………….. وأنْ صــيَّرتَ أحمدَ لِي نبيّـــــــًا

ثانيًا: خصائصُ وفضائلُ عشرِ  ذي الحجةِ.

لقد خُصَّتْ أيامُ العشرِ هذهِ بفضائلَ وخصائصَ جعلتهَا أفضلَ أيامِ الدنيا، ولقد ذكرَ العلماءُ عدةَ أسبابٍ وفضائلَ وخصائصَ لهذه العشرِ جمعتُهَا لكم مدعمةً بالأدلةِ الصحيحةِ الصريحةِ مِن القرآنِ والسنةِ، مِن هذه الخصائصِ:-

 أنَّ اللهَ تعالى أقسمَ بها: وإذا أقسمَ اللهُ بشيءٍ دلَّ هذا على عظمِ مكانتهِ وفضلهِ، إذ العظيمُ لا يقسمُ إلَّا بالعظيمِ، قال تعالى: { وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ }، والليالِي العشرُ هي عشرُ ذي الحجةِ، وهذا ما عليه جمهورُ المفسرين، كما قال بذلك ابنُ عباسٍ وابنُ الزبيرِ ومجاهدٌ وقتادةٌ والضحاكُ وغيرُهُم.

ومنها: أنَّها الأيامُ المعلوماتُ: وهي أفضلُ أيامِ الدنيا وجملةُ أربعينَ موسَى عليه السلامُ. قال تعالى: { وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ } ( الحج : 28) ، وعن جابرٍ رضي اللهُ عنه عن النبيِّ  قال:” أفضلُ أيامِ الدنيا أيامُ العشرِ – يعني عشرَ ذي الحجةِ – قيلَ: ولا مثلهنَّ في سبيلِ اللهِ؟ قال: ولا مثلهنَّ في سبيلِ اللهِ إلَّا رجلٌ عفرَ وجهَهُ بالترابِ”( أخرجه البزار وابن حبان بسند حسن).

فأيامُ العشرِ مِن ذي الحجةِ أفضلُ مِن أيامِ العشرِ من رمضانَ لاشتمالِهَا على يومِ عرفةَ ويومِ النحرِ ويومِ الترويةِ، والليالِي العشرُ الأواخرُ مِن رمضانَ أفضلُ مِن ليالِي عشرِ ذي الحجةِ لاشتمالِهَا على ليلةِ القدرِ.

وهي جملةُ أربعينَ موسَى عليه السلامُ كما في قولِهِ تعالى: { وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} (الأعراف: 142)، قال ابنُ كثيرٍ: ” الأكثرونَ على أنَّ الثلاثينَ هي: ذو القعدةِ وعشرُ ذي الحجةِ، قال بذلك مجاهدٌ، ومسروقٌ، وابنُ عباسٍ وابنُ جريجٍ، وغيرُهُم. وعن جابرٍ قالَ:{وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ} قال: هى عشرُ الأضحَى. وعن مجاهدٍ قال: هي العشرُ التي أتممَهَا اللهُ عزَّ وجلَّ لموسَي عليه السلامُ.” أ.ه

ومنها: أنَّها ضمنُ أيامِ الأشهرِ الحرمِ: ومعنى كلمةُ حرمٍ أيْ أنَّ هذه الأشهرَ الحرمَ لها حرمةٌ ومكانةٌ وقداسةٌ وعظمةٌ عندَ اللهِ، لذلك تضاعفُ فيها الحسناتُ كما تضاعفُ فيها السيئاتُ، لحرمةِ هذه الأشهرِ، فيجبُ علي المسلمِ تعظيمُ الحرماتِ في هذه الأشهرِ الحرمِ. يقولُ الإمامُ القرطبيُّ – رحمه اللهُ – ” لا تظلمُوا فيهنَّ أنفسَكُم بارتكابِ الذنوبِ؛ لأنَّ اللهَ سبحانَهُ إذا عظمَ شيئًا مِن جهةٍ واحدةٍ صارتْ لهُ حرمةٌ واحدةٌ، وإذا عظمَهُ من جهتينِ أو جهاتِ صارتْ حرمتُهُ متعددةً فيضاعفُ فيه العقابُ بالعملِ السيئِ كما يضاعفُ الثوابُ بالعملِ الصالحِ، فإنَّ مَن أطاعَ اللهَ في الشهرِ الحرامِ في البلدِ الحرامِ ليسَ ثوابُهُ ثوابَ مَن أطاعَهُ في الشهرِ الحلالِ في البلدِ الحرامِ، ومَن أطاعَهُ في الشهرِ الحلالِ في البلدِ الحرامِ ليس ثوابُهُ ثوابَ مَن أطاعَهُ في شهرٍ حلالٍ في بلدٍ حلالٍ” ، وقد أشارَ تعالى إلى هذا بقولِهِ تعالى: { يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً } (الأحزاب: 30) ؛ وذلك لأنَّ الفاحشةَ إذا وقعتْ مِن إحدى نساءِ النبيِّ  يضاعفُ لها العذابُ ضعفينِ بخلافِ ما إذا وقعتْ مِن غيرهنَّ مِن النساءِ.” أ.ه

ومنها: أنَّ اللهَ أكملَ فيها الدينَ وأتمَّ علينَا النعمةَ: ففي يومِ عرفةَ  كَمُلَ الدينُ ونزلَ قولُهُ تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} ( المائدة : 3 )، وقد جاءَ رجلٌ مِن اليهودِ إلى عمرَ بنِ الخطابِ – رضي الله عنه – فقالَ: يا أميرَ المؤمنين، إنَّكُم تقرءونَ آيةً في كتابِكُم، لو علينَا معشرَ اليهودِ نزلتْ لاتخذنَا ذلك اليومَ عيدًا. قال: وأيُّ آيةٍ؟ قال قولُهُ: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي } فقالَ عمرُ: واللهِ إنِّي لأعلمُ اليومَ الذي نزلتْ على رسولِ اللهِ ، والساعةَ التي نزلتْ فيها على رسولِ اللهِ  ، نزلتْ عَشيةَ عَرَفَة في يومِ جمعةٍ.

ومنها: اجتماعُ أمهاتِ العبادةِ فيها: قال الحافظُ ابنُ حجرٍ في فتحِ البارِي: “والذي يظهرُ أنَّ السببَ في امتيازِ عشرِ ذي الحجةِ، لمكانِ اجتماعِ أمهاتِ العبادةِ فيها وهي الصلاةُ والصيامُ والصدقةُ والحجُّ ولا يتأتَّى ذلك في غيرِهَا.” وقال الإمامُ أبو حنيفة: جَعلتُ أفاضلُ بين العباداتِ كلمَا تتبعتُ عبادةً وجدتُ لها أفضليةً، فأقولُ: هي الأفضلُ، فلما تتبعتُ الحجَّ وجدتُهُ أفضلَهُم لاشتمالهِ على جميعِ العباداتِ كلِّهَا.

ثالثًا: أعمالُ عشرِ ذِي الحجةِ.

هناك أعمالٌ صالحةٌ أحببتُ أنْ أهديكُم إياهَا في هذه العشرِ حتى نكونَ مِن الفائزين ومِن هذه الأعمالِ:

التوبةُ الصادقةُ: فعلى المسلمِ أنْ يستقبلَ مواسمَ الطاعاتِ بالتوبةِ الصادقةِ والعزمِ الأكيدِ على الرجوعِ إلى اللهِ، ففيهِ الصلاحُ والفلاحُ. يقولُ تعالى: { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [النور:31].

ومنها: إصلاحُ ذاتِ البينِ: فعلَى كلِّ مُسلمٍ متخاصمٍ أو متشاحنٍ مع أخيهِ المسلم، أنْ يبادرَ بإصلاحِ ذاتِ البينِ، فقد بيَّنِ  أنَّ الخصامَ والشحناءَ يحلقُ الحسناتِ بل الدينَ كلَّه . فقالَ:” دَبَّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ الْحَسَدُ وَالْبَغْضَاءُ، هِيَ الْحَالِقَةُ لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَفَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِمَا يُثَبِّتُ ذَالكُمْ لَكُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ “. (أحمد والبيهقي والترمذي). فبادرْ أنتَ بالخيرِ إذا أعرضَ عنك أخوك وكن أنتَ الأخيرُ، فعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  قَالَ:” لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ”. (متفق عليه).

ومنها: البعدُ عن المعاصِي:  لأنَّ ارتكابَ المعاصِي في هذا الشهرِ الحرامِ ظلمٌ للنفسِ، قال ابنُ كثيرٍ في تفسيرهِ: ” نهَى اللهُ تعالى عن الظلمِ في الأشهرِ الحرمِ، وإنْ كانَ في جميعِ السنةِ منهيًّا عنهُ، إلَّا أنَّه في الأشهرٍ الحرمِ آكَدُ، ولهذا قال: { مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ } [التوبة: 36]، وقال في الحرم: { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } [الحج: 25] .”أ.ه

ومنها: التكبيرُ والتحميدُ والتهليلُ والذكرُ: فعن ابنِ عمرَ رضي اللهُ عنهما عن النبيِّ  قال: ” ما مِن أيامٍ أعظمُ عندَ اللهِ ولا أحبُّ إليهِ العملُ فيهنَّ من هذه الأيامِ العشرِ، فأكثروا فيهنَّ مِن التهليلِ والتكبيرِ والتحميدِ”. (أحمد). وقال البخاري ” كان ابنُ عمرَ وأبو هريرةَ رضي اللهِ عنهما يخرجانِ إلى السوقِ في أيامِ العشرِ يكبرانِ ويكبرُ الناسُ بتكبيرِهِمِا. وقال: وكان عمرُ يكبرُ في قبتهِ بمنَى فيسمعهُ أهلُ المسجدِ فيكبرونَ، ويكبرُ أهلُ الأسواقِ حتى ترتجُّ منى تكبيرًا. وكان ابنُ عمرَ يكبرُ بمنَى تلكَ الأيام وخلفَ الصلواتِ وعلى فراشهِ، وفي فسطاطهِ ومجلسهِ وممشاهُ تلكَ الأيام جميعاً.”أ.ه

ومنها: صيامُ التسعِ: فالصيامُ يدخلُ في جنسِ الأعمالِ الصالحةِ، بل هو مِن أفضلِهَا، وعليهِ فيسنُّ للمسلمِ أنْ يصومَ تسعَ ذي الحجة؛ لأنَّ النبيَّ  حثَّ على العملِ الصالحِ فيها؛ وقد ذهبَ إلى استحبابِ صيامِ العشرِ الإمامُ النوويُّ، وقال: صيامُهَا مستحبٌ استحبابًا شديدًا، وقد رُوي عن بعضِ أزواجِ النبيِّ  قالتْ:” كان النبيُّ  يصومُ تسعَ ذي الحجةِ، ويومَ عاشوراء، وثلاثةَ أيّامٍ مِن كلِّ شهرٍ.”(أحمد وأبو داود والنسائي).

كما يستحبُّ لمَن نوىَ الأضحيةَ هذا العام أنْ يمسكَ عن شعرهِ وأظفارهِ لما روى مسلمٌ عن أمِّ سلمةَ أنَّ النبيَّ  قال :” إذا رأيتُم هلالَ ذي الحجةِ وأرادَ أحدُكُم أنْ يضحِّي فليمسكْ عن شعرهِ وأظفارهِ ” ولعل ذلك تشبهًا بمًن يسوقُ الهديً، فقد قالَ اللهُ تعالى: { وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّه} (البقرة : 196)، وهذا النهيُ يخصُّ صاحبَ الأضحيةِ ولا يعمُّ الزوجةَ ولا الأولاد، إلَّا إذا كان لأحدهِم أضحية تخصُّهُ، وإذا نوى الأضحيةَ أثناءَ العشرِ أمسكَ عن ذلك مِن حينِ نيتهِ ولا أثمَ عليهِ فيما أخذهُ قبلَ النيةِ.

فاحرصْ أخي المسلم على اغتنامِ هذه العشرِ، وأحسنْ العملَ فيهَا قبلَ أنْ تفوتَكَ فتندم، ولاتَ ساعةَ مندمِ.

نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا عملًا صالحًا متقبلًا ، وأنْ يحفظَ مصرَنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ ،،،

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى