اخر خبر

الشيخ جمال فراج يكتب خطية عيد الفطر المبارك ودعوة لمواصلة العمل الصالح

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأتمَّ علينا النعمة، وجعل أمتنا خير أمة، وبعث فينا رسولًا منا يتلو علينا آياته ويُزكِّينا ويُعلِّمنا الكتاب والحكمة.

 

أحمده على نِعَمه الجَمَّة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً تكون لمن اعتصم بها خيرَ عصمةٍ.

 

وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله للعالمين رحمةً، وفرض عليه بيان ما أنزل إلينا، فأوضح لنا كل الأمور المهمة، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاةً تكون لنا نورًا من كل ظلمة، وسلِّم تسليمًا، أما بعد:

فأوصيكم – أيها الناس- ونفسي بتقوى الله عز وجل، فإنها خير الزاد ليوم المعاد، وتقللوا من الدنيا وتخففوا من أحمالها وأثقالها، فإنما هي إلى فناء ونفاد ﴿ يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ﴾ [غافر: 39].

 

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أيها المسلمون، عيدكم مبارك، وتقبَّل الله صيامكم وقيامكم، وصلواتكم وصدقاتكم، وجميع طاعاتكم، وكما فرحتم بصيامكم، فافرحوا بفطركم، وقد علمتم أن للصائم فرحتين: فرحة عند فطره، وفرحة بلقاء ربه، أديتم فرضكم، وأطعتم ربكم، صمتم وقرأتم وتصَدَّقتم، فهنيئًا لكم ما قدمتم، افرحوا وابتهجوا واسعدوا، وانشروا السعادة والبهجة فيمن حولكم، إن حقَّكم أن تفرحوا بعيدكم، وتبتهجوا بهذا اليوم، يوم الزينة والسرور، ومن حق أهل الإسلام في يوم بهجتهم أن يسمعوا كلامًا جميلًا، وحديثًا مبهجًا، وأن يرقبوا آمالًا عراضًا ومستقبلًا زاهرًا لهم لدينهم ولأمتهم.

 

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أيها المؤمنون، لا بد أن نعلم أن العيد في حقيقته شكرٌ للمنعم على توفيقه للعبادة، وإعانته على تمامها؛ كما قال سبحانه: ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185]؛ لأن المنحة الربانية التي أكرم الله بها العبد في أن يبذل جهده، ويستفرغ وسعه للعمل الصالح في هذه الشهر، هي نعمة تحتاج إلى أن يشكر الله تعالى الذي أعانه على ذلك، فإنه ما صلَّى ولا صام ولا قام إلا بمَنِّه وتوفيقه سبحانه وتعالى في حين حرم هذه النعم من حرم، فاشكروا الله على نِعَمِه يزدْكم ويبارك فيما آتاكم.

عباد الله، لا تستقيم الحياة، ولا يتحقق الأمن والرخاء، ولا يطيب العيش، ويهنأ البال، إلا بتوحيد الكبير المتعال ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82].

ليس لأهل الأرض خيار إلا الإسلام؛ قال مُبلِّغ الرسالة صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي، ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار))؛ رواه مسلم.

لا يسع أحد كائنًا من كان أن يحيد عن منهج محمد صلى الله عليه وسلم بأصوله وفروعه، قال صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لو أن موسى كان حيًّا ما وَسِعَه إلَّا أن يتبعني))؛ رواه الإمام أحمد وحسَّنه الألباني.

إن دعوى الانفتاح، وضغط الواقع، وأن الأمور تغيَّرت إلى آخر ما يدندن البعض، لا يسوغ التضحية بالثوابت والمسلمات، أو التنازل عن الأصول والقطعيات، مهما بلغت المجتمعات من تغيُّر، فدين الله قويٌّ متينٌ، وأحكامُه راسخةٌ واضحةٌ، لا تُغيِّرها الظروف ولا تهونها الأزمات والصروف، وهي موضع اتفاق الأمة عبر الدهور والعصور.

فيا مؤمنون، يا مؤمنات، دينكم دينكم، لا يسعد دنياكم، ولا ينجيكم في أُخْراكم إلا التمسك بشريعة رب العالمين، عضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، ودعاة الفجور.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

أيها المتعيدون المبتهجون، أديـموا على العمل الصالح بعد رمضان، فإن الله تعالى يعبد في كل الأزمان والأحوال، وبئس قوم لا يعرفون الله تعالى إلا في رمضان!

 

حافظوا على الفرائض، وبكِّروا للمساجد، وأدُّوا النوافل، ولا تهجروا الـمصاحف، وليكن لكل واحد منا وِرْده اليومي من القرآن، وحظُّه الليلي من الصلاة، وقدر من الصدقة والبذل والإحسان، وشيء من الصيام.

وإياك يا عبد الله أن تترك الصلاة بعد خروج رمضان، فإنه الإفلاس بعد الغنى، والخراب بعد البناء، فلقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -كما عند أحمد وغيره-: «أول ما يُحاسَب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح له سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله»، وقال صلى الله عليه وسلم -كما في صحيح مسلم-: «إن بين الرجل وبين الشرك والكفر تركَ الصلاة».

فإياك أن تنتكس بعد رمضان، وإياك أن تترك الصلاة بعد خروج رمضان!

الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا.

بارك الله لي ولكم في العيد السعيد، وأعاده الله علينا وعليكم بالعمر المزيد للأمد البعيد. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية

الحمد لله كثيرًا، والله أكبر كبيرًا، أفرحنا بالعيد، ورزقنا الجديد، ومتعنا بالعيش الرغيد، فله الحمد لا نحصي ثناءً عليه كما أثنى هو على نفسه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، جعل العيد من شعائره المعظمة، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين، أما بعد:

أمة الإسلام، تفكَّروا في نعم الله عليكم الظاهرة والباطنة، فكلما تذكَّر العباد نعم الله ازدادوا شكرًا لله، تذكروا نعمة الإسلام أعظم النعما، تذكروا أمنكم واستقراركم،، تذكروا هذه النعم، وتفكروا في حال أقوام سلبوا هذه النعم، يطل عليكم يوم العيد وأنتم في نعمة وفرح وسرور، وهناك فئات من المسلمين يعانون الأمَرَّيْن من تقتيل وتشريد وتدمير وسفك للدماء وانتهاك للأعراض ونهب للأموال، يعيشون حياة شقاء وعناء.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

أيها الأخوات الكريمات، أيها الأخوات المسلمات، إن فتنة الرجال بالنساء هي أضَرُّ الفتن عليهم، وهنيئًا للمرأة التي لا تَفتِن ولا تُفتَن في زمن الفتن، وتطلب من ذلك رضا ربِّها سبحانه قبل رضا الناس، هنيئًا لها حين تتمسَّك بدينها، وترضي ربَّها، وتطيع زوجها، وتربِّي أبناءها وبناتها على ما يرضي الله تعالى، هنيئًا لها بسعادة في الدنيا تملأ قلبها، وفوز كبير في الآخرة ينتظرها.

حفظ الله تعالى المؤمنات من كل فتنة وشرٍّ وبلاء، إنه سميع مجيب.

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

أيها المسلمون، أذكركم جميعًا وأحثُّ نفسي وإياكم على صيام ستة أيام من شوال، ففي الحديث الصحيح: “من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال، كان كصيام الدهر”؛ رواه مسلم.

تقبَّل الله طاعاتكم وصالح أعمالكم، وتقبَّل صيامكم وقيامكم وصدقاتكم ودعاءكم، وضاعف حسناتكم، وجعل عيدكم مباركًا وأيامكم أيامَ سعادةٍ وهناءٍ وفضلٍ وإحسانٍ، وأعاد الله علينا وعلى المسلمين من بركات هذا العيد، وجعلنا في القيامة من الآمنين، وحشرنا تحت لواء سيد المرسلين.

اللهم إنا خرجنا اليوم إليك نرجو ثوابك، ونرجو فضلك، ونخاف عذابك، اللهم حقِّق لنا ما نرجو، وأمِّنَّا مما نخاف، اللهم تقبَّل منا واغفر لنا وارحمنا، اللهم انصرنا على عدوِّنا واجمع كلمتنا على الحق، واحفظ بلادنا من كل مكروه، ووفق قيادتنا لكل خير، واجعل بلدنا سباقًا لكل خير في أمر دينه ودنياه، إنك جواد كريم، وصلى الله وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين



مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى