اخر خبرتفضيلات القراء

الشيخ جمال فراج يكتب : قوة الأوطان ..في خطبة الجمعة

الحمدُ للهِ نحمدُهُ ونستعينُهُ ونتوبُ إليهِ ونستغفرُهُ ونؤمنُ بهِ ونتوكلُ عليهِ ونعوذُ بهِ مِن شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا، ونشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأنَّ سيِّدَنَا مُحمدًا عبدُهُ ورسولُهُ أما بعد:

فهناكَ عدةُ ركائزٍ تعملُ على قوةِ الأوطانِ وتقدمِهَا بينَ الأممِ، وتتمثلُ هذه الركائزُ فيمَا يلِي:-

أولًا: العملُ واستثمارُ الطاقاتِ المعطلةِ.

فالعملُ والاستثمارُ أساسُ بناءِ الأممِ، لذلكَ حثَّ الإسلامُ على السعيِ والاستثمارِ والكسبِ مِن أجلِ الرزقِ وبناءِ الدولِ، قالَ تعالَي: { هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ } ( الملك: 15)، ويقررُ الإسلامُ أنَّ حياةَ الإيمانِ بدونِ عملٍ واستثمارٍ هي عقيمٌ كحياةِ شجرٍ بلا ثمرٍ، فهي حياةٌ تثيرُ المقتَ الكبيرَ لدَي واهبِ الحياةِ الذي يريدُهَا خصبةً منتجةً كثيرةَ الثمراتِ.

فيجبُ على المسلمِ أنْ يكونَ وحدةً إنتاجيةً طالما هو على قيدِ الحياةِ، ما دامَ قادرًا على العملِ، بل إنَّ قيامَ الساعةِ لا ينبغِي أنْ يحولَ بينَهُ وبينَ القيامِ بعملٍ منتجٍ، وفي ذلك يدفعُنَا النبيُّ  دفعًا إلى حقلِ العملِ والاستثمارِ وعدمِ الركودِ والكسلِ فيقولُ: ” إذا قامتْ الساعةُ وفي يدِ أحدِكُم فسيلة، فإنْ استطاعَ ألّا يقومَ حتى يغرسهَا فليغرسْهَا فلَهُ بذلكَ أجرٌ” [ أحمد والبخاري في الأدب المفرد]، كما حثَّ الإسلامُ على اتخاذِ المهنةِ للكسبِ مهمَا كانت دنيئةً فهي خيرٌ مِن المسألةِ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ  يَقُولُ:” لَأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَتَصَدَّقَ مِنْهُ فَيَسْتَغْنِيَ بِهِ عَنْ النَّاسِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ رَجُلًا أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا أَفْضَلُ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ”. (الترمذي وحسنه).

لذلك كان عمرُ بنُ الخطابِ رضي اللهُ عنهُ يهتمُّ بالعملِ والاستثمارِ والترغيبِ فيهِ، فيقولُ: ما مِن موضعٍ يأتينِي الموتُ فيهِ أحبُّ إلىَّ مِن موطنٍ أتسوقُ فيهِ لأهلِي أبيعُ وأشترِي، وكان إذا رأَي فتىً أعجبَهُ حالهُ سألَ عنهُ: هل لهُ مِن حرفةٍ ؟ فإنْ قِيلَ: لا. سقطَ مِن عينيهِ. وكان إذا مُدِحَ بحضرتهِ أحدٌ سألَ عنهُ: هل لهُ مِن عملٍ؟ فإنْ قِيلَ: نعم .قالَ: إنَّهُ يستحقُّ المدح. وإنْ قالُوا: لا. قال: ليسً بذاك. وكان يوصِي الفقراءَ والأغنياءَ معًا بأنْ يتعلمُوا المهنةَ، ويقولُ تبريرًا لذلك: يوشكُ أنْ يحتاجَ أحدُكُم إلى مهنةٍ، وإنْ كان مِن الأغنياءِ. وكان  كلمَا مرَّ برجلٍ جالسٍ في الشارعِ أمامَ بيتهِ لا عملَ لهُ أخذَهُ وضربَهُ بالدرةِ وساقَهُ إلى العملِ والاستثمارِ وهو يقولُ: إنَّ اللهَ يكرَهُ الرجلَ الفارغَ لا في عملِ الدنيَا ولا في عملِ الآخرةِ.”(إحياء علوم الدين – الإمام أبو حامد الغزالي).

ويُروىَ أنَّ رجلًا مرَّ على أبي الدرداءِ الصحابِي الزاهدِ – رضي اللهُ عنهُ- فوجدَهُ يغرسُ جوزةً، وهو في شيخوختِهِ وهرمِهِ، فقالَ لهُ: أتغرسُ هذه الجوزةَ وأنتَ شيخٌ كبيرٌ، وهي لا تثمرُ إلّا بعدَ كذا وكذا عامًا ؟! فقال أبو الدرداء: وما عليَ أنْ يكونَ لي أجرُهَا ويأكلَ منهَا غيرِي!! وأكثرُ مِن ذلك أنَّ المسلمَ لا يعملُ لنفعِ المجتمعِ الإنسانِي فحسب، بل يعملُ لنفعِ الأحياءِ، حتى الحيوانِ والطيرِ، والنبيُّ  يقولُ: ” مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ” [البخاري].

 وبذلكَ يعمُّ الرخاءُ ليشملَ البلادَ والعبادَ والطيورَ والدوابَّ، ويكونُ الوطنُ في ركبِ الأممِ القويةِ المتقدمةِ.

ثانيًا: نشرُ العلمِ والوعىِ الثقافِي بينَ أفرادِ الأمةِ.

فقد اهتمَّ الإسلامُ بقيمةِ العلمِ أيَّما اهتمامٍ، ولقد بلغتْ عنايةُ اللهِ – عزَّ وجلَّ – بنَا لرفعِ الجهلِ عنَّا أنْ كانَ أولُ ما نزلَ مِن الوحيِ على نبيِّنَا أعظمَ كلمةٍ هبطَ بهَا جبريلُ هي قولُهُ تعالَى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}(العلق:1)، وأمرُ اللهِ عزّ وجلّ بالقراءةِ والعلمِ في أولِ آيةٍ نزلتْ مِن القرآنِ دليلٌ واضحٌ على أهميةِ العلمِ في تكوينِ عقلِ الإنسانِ وفي رفعهِ إلى المكانةِ الساميةِ، فلا يستوِي عندَ اللهِ الذي يعلمُ والذي لا يعلمُ، فأهلُ العلمِ لهم مقامٌ عظيمٌ في شريعتِنَا الغراء، فهم مِن ورثةِ الأنبياءِ والمرسلين، يقولُ اللهُ تباركَ وتعالَى: {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} (الزمر: 9)، فلا يستوي الذي يعلمُ والذي لا يعلمُ، كما لا يستوي الحيُّ والميتُ، والسميعُ والأصمُّ، والبصيرُ والأعمَى، فالعلمُ نورٌ يهتدِي بهِ صاحبُهُ إلى الطريقِ السويِّ، ويخرجُ بهِ مِن الظلماتِ إلى النورِ، ويرفعُ اللهُ الذي يطلبُ العلمَ والذي يعملُ بهِ كمَا يشاءُ، قالَ تعالَى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (المجادلة: 11).

إنَّ العلمَ أساسُ نهضةِ الأمةِ وقيامِ الحضاراتِ، فبالعلمِ تُبنَى الأمجادُ، وتَسُودُ الشعوبُ، وتُبنَى الممالكُ، بل لا يستطيعُ المسلمُ أنْ يحققَ العبوديةَ الخالصةَ للهِ تعالَى على وفقِ شرعِهِ، فضلًا عن أنْ يبنيَ نفسَهُ – كمَا أرادَ اللهُ سبحانَهُ أو يقدمَ لمجتمعِهِ خيرًا، أو لأمتِهِ عزًّا ومجدًا ونصرًا – إلّا بالعلمِ، وما فشَا الجهلُ في أُمةٍ مِن الأممِ إلّا قوّضَ أركانَهَا، وصدَّعَ بنيانَهَا، وأوقعَهَا في الرذائلِ والمتاهاتِ المهلكةِ.

وكما قِيلَ:                العلمُ يبنِي بيوتًا لا عمادَ لهَـا …………… والجهلُ يهدمُ بيوتَ العزِّ والكـرمِ

ويبلغُ مِن فضلِ العلمِ أنّهُ يرفعُ قدرَ أُناسٍ ليس لهم حسبٌ ولا نسبٌ فوقَ كثيرٍ مِن الأكابرِ، فقد روىَ أنَّ نافعَ بنَ عبدِ الحارثِ أميرَ مكةَ خرجَ واستقبلَ عمرَ بنَ الخطابِ بعسفان، فقالَ لهُ عمرُ: مَن استخلفتَ على أهلِ الوادِي؟ قال: استخلفتُ عليهِم ابنَ أبزَى، فقالَ عمرُ: ومَن ابنُ أبزَى؟! فقال: رجلٌ مِن موالينَا، فقالَ عمرُ: استخلفتَ عليهِم مولى؟ فقالَ: إنّهُ قارئٌ لكتابِ اللهِ عالمٌ بالفرائضِ، فقالَ عمرُ: أمَا إنَّ نبيَّكُم  قد قال: “إنَّ اللهَ يرفعُ بهذا الكتابِ أقوامًا ويضعُ بهِ آخرين.”

فالعلمُ أساسُ قوةِ الأوطانِ وتقدمِهَا وازدهارِهَا .

ثالثًا: غرسُ مكارمِ الأخلاقِ في نفوسِ أفرادِ المجتمعِ.

إنَّ للأخلاقِ أهميةً كُبرَى في الإسلامِ، فالخلقُ مِن الدينِ كالروحِ مِن الجسدِ، والإسلامُ بلا خُلقٍ جَسدٌ بلا رُوحٍ، فالخُلقُ هو كلُّ شيءٍ، فقوامُ الأممِ والدولِ والحضاراتِ بالأخلاقِ وضياعُهَا بفقدانِهَا لأخلاقِهَا، قال الشاعرُ أحمدُ شوقِي:                   إنَّما الأممُ الأخلاقُ ما بقيتْ …………فإنْ همُو ذهبتْ أخلاقُهُم ذهبُوا

وقال:                   وَإِذا أُصـــيــبَ الـــقَــومُ فـــــي أَخــلاقِــهِـم………. فَـــــأَقِـــــم عَـــلَـــيــهِــم مَــــأتَـــمـــاً وَعَـــــويــــلا

وقال:                     صَـلاحُ أَمْـرِكَ لِلأَخْـلاقِ مَرْجِعُـهُ…………… فَقَـوِّمِ النَّفْـسَ بِالأَخْـلاقِ تَسْتَقِـمِ

ولأهميةِ الأخلاقِ أصبحتْ شعارًا للدينِ ( الدينُ المعاملةُ ) فلم يكنْ الدينُ صلاةً ولا زكاةً ولا صومًا فحسب.

قال الفيروز آبادي رحمَهُ اللهُ: “اعلمْ أنَّ الدينَ كلَّهُ خُلقٌ، فمَن زادَ عليكَ في الخُلقِ، زادَ عليكَ في الدينِ”.

وهكذا تظهرُ أهميةُ الأخلاقِ ومكانتُهَا في قوةِ بناءِ الأممِ حتى أصبحتْ شعارًا للدينِ تمثلُهُ كلَّهُ.

إنَّ العاملَ الأكبرَ في بناءِ الحضاراتِ وانتشارِ الإسلامِ في عصرِ النبيِّ  والصحابةِ والسلفِ الصالحِ رضي اللهُ عنهُم إنّمَا هو مكارمُ الأخلاقِ الكريمةِ التي لمسَهَا المدعونَ في هذا الجيلِ الفذِّ مِن المسلمين، سواءٌ كانت هذه الأخلاقُ في مجالِ التجارةِ مِن البيعِ والشراءِ، مثلَ الصدقِ والأمانةِ، أو في مجالِ الحروبِ والمعاركِ، وفي عرضِ الإسلامِ عليهِم وتخييرهِم بينَ الإسلامِ أو الجزيةِ أو المعركةِ، أو في حسنِ معاملةِ الأسرَى، أو عدمِ قتلِ النساءِ والأطفالِ والشيوخِ والرهبانِ، هذه الأخلاقُ دفعتْ هؤلاءِ الناسَ يفكرونَ في هذا الدينِ الجديدِ الذى يحملهُ هؤلاء، وغالبًا كان ينتهِي بهم المطافُ إلى الدخولِ في هذا الدينِ وحبِّ تعاليمِهِ، ومؤاخاةِ المسلمينَ الفاتحينَ في الدينِ والعقيدةِ!! فعلينَا أنْ نطبقَ هذه الأخلاقَ عمليًّا على أرضِ الواقعِ، فإنَّ في ذلك تقدمَ الأممِ وقوتَهَا.

رابعًا: مواجهةُ الدعواتِ الهدامةِ.

مِن أهمِّ ركائزِ قوةِ الأممِ مواجهةُ الإرهابِ وتطهيرُ عُقولِ الشبابِ مِن الأفكارِ المتطرفةِ؛ لأنَّ الناسَ لو استقامتْ عقولُهُم، صارُوا يُفكِّرونَ فيمًا ينفَعُهُم ويبتَعِدونَ عمَّا يضرُّهُم، إذًا هناكَ علاقةٌ كبيرةٌ بينَ المحافظةِ على عقولِ الناسِ وبينَ استقرارِ الأمنِ عندَهُم؛ لأنَّ مِمّا يذهبُ بأمنِ الناسِ انتشارَ المفاهيمِ الخاطئةِ حيالَ نصوصِ القرآنِ والسنةِ، وعدمَ فهمِهمَا بفهمِ السلفِ الصالحِ، وهل كُفِّرَ الناسُ وأُريقتْ الدماءُ وقُتِلَ الأبرياءُ وخُفرتْ الذممُ بقتلِ المستأمنينَ وفُجِّرتْ البقاعُ إلّا بهذهِ المفاهيمِ المنكوسةِ؟!!

فعلينَا أنْ نحافظَ على أولادِنَا مِن الانزلاقِ في مهاوِي الرذيلةِ والانجرافِ في الفكرِ التكفيرِي المنحرفِ، ونقولُ للغلاةِ أهلِ الغلظةِ والجفاءِ، متبعِي الأخطاء، المستهزئينَ بالعلماء، الخارجينَ على إجماعِ الأمةِ، نقولُ لكلِّ مشتركٍ في هذه الجرائمِ البشعةِ سواءٌ بجلبِ هذه المتفجراتِ أو الإعانةِ على نقلِهَا أو التواطؤِ في تهريبِهَا أو السكوتِ على أصحابِهَا: توبُوا إلى اللهِ توبةً نصوحًا، واعترفُوا بأخطائِكُم، وعودُوا إلى رشدِكُم، اتقُوا اللهَ في أنفسِكُم، اتقُوا اللهَ في دماءِ المسلمين، اتقُوا اللهَ في الأبرياء، واتقُوا يومًا ترجعونَ فيهِ إلى الله، وفي ذممِكُم دماءٌ لأرواحٍ بريئةٍ، فماذا أنتم قائلون ؟! وما هي حجتُكُم إذا وقفتُم حافيةً أقدامُكُم، عاريةً أجسامُكُم؛ شاخصةً أبصارُكُم، بينَ يدَي اللهِ أحْكَمِ الحاكمين؟!!

يا شبابَ الإسلامِ: إيّاكُم وهذه الدعواتِ الخطيرةَ التي تدعُو إلى التكفيرِ والتفجيرِ، واعلمُوا أنّ مِن أعظمِ الواجباتِ الرجوعَ لأهلِ العلمِ الموثوقِ بعلمِهِم فيمَا يُشكلُ عليكُم؛ لأنَّ اللهَ جعلَهُم هداةً مهتدين، ونسألُ اللهَ أنْ يجتثَّ هذه الأفكارَ الدخيلةَ مِن بينِنَا!!

خامسًا: الوحدةُ والاجتماعُ.

 وحدةُ الصفِّ ووحدةُ الأمةِ عاملٌ قويٌّ وفعالٌ في قوةِ الأوطانِ، فعلينَا أنْ نتحرّرَ مِن الفرقةِ والتشاحنِ والتباغضِ والتقاتلِ والتحزبِ بالصلحِ والمصافحةِ والمصالحةِ .. والتنازلِ والمحبةِ .. والأخوةِ حتى تعودَ المياهُ إلى مجارِيهَا ..يجبُ علينَا أنْ نكونَ صَفًّا واحدًا مُتلاحِمًا كالبنيانِ المرصوصِ مع ولاةِ أمرِنَا وعلمائِنَا في استتبابِ الأمنِ والقضاءِ على هذه الظواهرِ المفزعةِ والأحداثِ المفجعةِ واستئصالِ شأفتِهَا، يجبُ أنْ نكونَ جميعًا يدًا واحدةً عَيْنًا ساهرةً مع رجالِ الأمنِ للحفاظِ على دينِنَا وبلادِنَا وأمنِنَا، ومنهجُنَا منهجُ الوسطيةِ والاعتدالِ، ونصيحتِي للشبابِ وفلذاتِ الأكبادِ ألّا ينخدعُوا بالأفكارِ الهدامةِ، والمناهجِ الضالةِ، وألّا ينساقُوا وراءَ حربِ الشبهاتِ التي يروجُهَا مَن قَلَّ فَهْمُهُ، وضلَّ سَعْيُهُ.

إنّنِي أدعُو جميعَ أطيافِ المجتمعِ إلى الاجتماعِ والاعتصامِ والوحدةِ، فالاجتماعُ والاتفاقُ سبيلٌ إلى القوةِ والنصرِ، والتفرقُ والاختلافُ طريقٌ إلى الضعفِ والهزيمةِ، وما ارتفعتْ أمةٌ مِن الأممِ وعلتْ رايتُهَا إلّا بالوحدةِ والتلاحمِ بينَ أفرادِهَا، وتوحيدِ جهودِهَا، والتاريخُ أعظمُ شاهدٍ على ذلك، ولذا جاءتْ النصوصُ الكثيرةُ في كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وسنةِ رسولِهِ  تدعُو إلى هذا المبدأِ العظيمِ، وتحذرُ مِن الاختلافِ والتنازعِ، ومنهَا قولُهُ تعالَى: {وأطيعُوا اللهَ ورسولَهُ ولا تنازعُوا فتفشلُوا وتذهبَ ريحكُم واصبرُوا إنَّ اللهَ مع الصابرين}(الأنفال:46)، وفي حديثِ أبي مسعودٍ: “كان رسولُ اللهِ  يمسحُ مناكبَنَا في الصلاةِ، ويقولُ: استوُوا ولا تختلفُوا فتختلِفَ قلوبُكُم” (مسلم).

هذه هي أهمُّ ركائزِ قوةِ الأوطانِ، فعلينَا أنْ نطبقَهَا عمليًّا على أرضِ الواقعِ، حتى نكونَ في ركابِ الأممِ القويةِ المتقدمةِ عبرَ العصورِ والقرونِ.

نسألُ اللهَ أنْ يزيدَنَا قوةً إلى قوتِنَا، وأنْ يحفظَ مصرَنَا مِن كلِّ مكروهٍ وسوءٍ،،،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى