اخر خبرتريند

افلا يتدبرون القران تريند تويتر

تصدر هاشتاج افلا يتدبرون القران منصة تويتر خلال ال 24 ساعة الماضية في مصر والوطن العربي 
وتدبر القرآن يشمل نوعين: الأوَّل وهو التفكر في آيات القرآن؛ ليوصل إلى مراد الله منها، والثاني: التفكر في المعاني التي اشتمل عليها القرآن؛ مما دعانا الله للتفكر فيها.

قال ابن القيم: “والتفكر في القرآن نوعان: تفكر فيه ليقع على مراد الرب – تعالى – منه، وتفكر في معاني ما دعا عباده إلى التفكر فيه”.

فالتدبر إذًا ليس مجرد تحسين الصوت بالتلاوة والتغني بالقراءة، والمسابقة في حفظ الألفاظ والحروف وحيازة الإجازات في مُختلف القراءات، وإن كان في كل ذلك فضل عظيم، وإنَّما التدبر هو التأمُّل في المعاني، والتفكر في المواعظ، والنظر في العواقب، والعلم بتأويل كلامه ومراميه، والتزامه ظاهرًا وباطنًا بالائتمار بأوامره والانتهاء عن نواهيه.

ولذلك قال الحسن البصري: “والله، ما تدبره بحفظ حروفه وإضاعة حدوده، حتَّى إنَّ أحدهم ليقول: قرأت القرآن كله، وما يرى له القرآن في خلق ولا عمل”.

وقال: “قد قرأ هذا القرآن عبيدٌ وصبيان لا علمَ لهم بتأويله، حفظوا حروفه وضيعوا حدوده”

فعند قراءته لا بُدَّ من الاستماع والإنصات الذي يُورث صلاحًا في القلب، وزكاة في النفس، وزيادة في الإيمان، وخشوعًا وخضوعًا للجوارح والجنان.

فالسَّماع الذى شرعه الله – تعالى – لعباده، وكان سلف الأُمَّة من الصَّحابة والتَّابعين وتابعيهم يَجتمعون عليه؛ لصلاح قلوبِهم وزكاة نفوسهم هو: سماع آيات الله – تعالى – وهو سماع النبيِّين والمؤمنين وأهل العلم وأهل المعرفة.

قال الله – تعالى – لما ذكر من ذكره من الأنبياء فى قوله: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا ﴾ [مريم: 58].

وقال: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2].

وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ﴾ [الإسراء: 107-109].

وقال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ ﴾ [المائدة: 83].

وبهذا السماع أمر الله – تعالى – فقال: ﴿ وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الأعراف: 204].

وعلى أهله أثنى فقال: ﴿ فَبَشِّرْ عِبَادِ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 18].

وقال فى الآية الأخرى: ﴿ أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الْأَوَّلِينَ ﴾ [المؤمنون: 68].

فالقول الذى أُمروا بتدبره هو القَوْل الذى أمروا باستماعه، وكما أثنى على هذا السَّماع بتلك الكيفية وهذه الآثار وذاك التدبُّر، فقد ذم المعرضين عنه.

ومن المعلوم أن النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – قد بين لأصحابه – رضوان الله عليهم – معاني القرآن، كما بيَّن لهم ألفاظه؛ فقوله – تعالى -: ﴿ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 44] يتناول هذا وهذا.

وقد قال أبو عبدالرحمن السلمي: “حدثنا الذين كانوا يُقرِئوننا القرآن – كعثمان بن عفان وعبدالله بن مسعود وغيرهما – أنَّهم كانوا إذا تعلموا من النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – عشر آياتٍ لم يُجاوزوها حتَّى يتعلموا ما فيها من العِلْم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلمَ والعملَ جميعًا؛ ولهذا كانوا يبقون مُدَّة في حفظ السُّورة”.

وقال أنس: “كان الرَّجل إذا قرأ البقرة وآل عمران، جَلَّ في أعيننا، وأقام ابن عمر على حفظ البقرة سنين، قيل: إنَّها ثماني سنين”.

قال ابن تيمية تعليقًا على هذه الآثار: “وذلك أن الله – تعالى – قال: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29]، وقال: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ﴾ [النساء: 82] [محمد: 24]، وقال: ﴿ أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ ﴾ [المؤمنون: 68]، وتدبر الكلام بدون فهم معانيه لا يُمكن كذلك؛ قال – تعالى -: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [يوسف: 2]، وعقل الكلام متضمن لفهمه، ومن المعلوم أنَّ كلَّ كلام المقصودُ منه فهم معانيه دون مُجرد ألفاظه، فالقُرآن أَوْلَى بذلك، وأيضًا فالعادةُ تَمنع أن يقرأ قوم كتابًا في فن من العلم؛ كالطب والحساب، ولا يستشرحونه، فكيف بكلام الله الذي هو عصمتهم، وبه نجاتهم وسعادتهم، وقيام دينهم ودنياهم؟!”.

وقال ابن القيم: “فقراءة آية بتفكر وتفهُّم خير من قراءة ختمة بغير تدبُّر وتفهم وأنفعُ للقلب، وأَدْعَى إلى حصول الإيمان وذَوْقِ حلاوة القُرآن، وهذه كانت عادة السَّلف، يردِّد أحدُهم الآية إلى الصباح، وقد ثبت عن النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم – أنه قام بآية يرددها حتَّى الصباح، وهي قوله: ﴿ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118]”.

وقراءة القرآن بتدبُّر وتفكر هي إحدى طريقتين يُمكن من خلالهما التعرُّف على الله – سبحانه وتعالى – وبيان ذلك أن “الرب – تعالى – يدعو عباده في القرآن إلى معرفته من طريقين: أحدهما: النَّظر في مفعولاته، والثاني: التفكر في آياته وتدبرها، فتلك آياته المشهودة، وهذه آياته المسموعة المعقولة”.

فإنْ فَعَل المؤمن ذلك، حصل من الخير ما لا يعلمه إلا الله، فلا شيءَ أنفع للقلب من قراءة القُرآن بالتدبر والتفكر، فإنَّه جامع لجميع منازل السائرين وأحوال العاملين ومقامات العارفين، وهو الذي يُورث المحبة والشوق، والخوف والرَّجاء، والإنابة والتوكُّل، والرِّضا والتفويض، والشُّكر والصبر، وسائر الأحوال التي بها حياة القلب وكماله، وكذلك يزجر عن جميع الصفات والأفعال المذمومة، والتي بها فساد القلب وهلاكه.

فلو علم الناس ما في قراءة القرآن بالتدبُّر والتفكُّر، لاشتغلوا بها عن كل ما سواها، فإذا قرأه العبدُ بتفكر حتَّى مرَّ بآية وهو محتاج إليها في شفاء قلبه، كرَّرها ولو مائة مرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى